مضمون خطاب العهد تقاطرت رسائله متعاضدة، كان أبرزها أن المرحلة المقبلة تستهدف تطبيق الرؤية المستقبلية “عمان2040” التي شارك أبناء عمان بمختلف فئاتهم في رسم تطلعاتها ووضع توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومن أجل تحقيق هذه الرؤية أعلن جلالة السلطان عن توفير الأسباب الداعمة لتحقيق محاور هذه الرؤية وركائزها المتمثلة في “الإنسان والمجتمع” و”الاقتصاد والتنمية” و”الحوكمة والأداء المؤسسي”، والتي صيغت بتوافق مجتمعي واسع وبمشاركة فئات المجتمع المختلفة، وعلى نحو يضمن الانتقال بعمان إلى مستوى طموحات وآمال المواطن في شتى المجالات.
تشمل متطلبات تنفيذ الرؤية إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة بهدف تعزيز سيادة القانون، ومساندة ذلك بأطر الحوكمة، تعزيزا لدرجة التنسيق بين تقسيمات الدولة الذي سينتج عنه تبسيط الإجراءات ورفع كفاءة الأجهزة الحكومية وضمان ثقة المواطن فيها، من خلال هيكل مؤسسي يؤطر الصلات ويحددها بذوي العلاقة من وحدات الجهاز الإداري وخصوصا تلك المعنية بالملف الاقتصادي، وصولا لتطبيق نظام مساءلة يتسم بالفاعلية والشفافية، لضمان أولويات التوزيع الأمثل والعادل للموارد.
إن مما يواجه تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار وتنمية الصادرات والواردات، آليات صنع القرار الحكومي سواء تلك التي تتصل بالقطاع الخاص بشأن الموافقات والتراخيص والرسوم والتسهيلات، أو على صعيد صنع القرارات الرسمية على نحو يطيل أمد اتخاذ القرار لأشهر في بعض الأحيان.
ولعل من أبرز أولويات دعم تحقيق الرؤية المستقبلية “عمان2040” ما وعد به جلالة السلطان حول تطبيق منهجية صنع واتخاذ قرارات ناجزة في أسرع وقت وبأقل تكلفة وعلى نحو محقق للأهداف مقارنة بأفضل المنافسين إقليميا ودوليا.
وفي سياق متصل لدعم تنفيذ الرؤية وضمان نجاحها، أكد جلالة السلطان على أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال، لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.
وفي توازٍ مع مرتكز أساسي للرؤية، هناك هدف بناء قدرات المواطنين وإعدادهم بقدر عالٍ من الكفاءة العلمية والعملية وخاصة فيما يتعلق بتهيئتهم وإكسابهم المهارات المطلوبة للمستقبل في ظل التطور التقني الهائل في مختلف مناحي الحياة.
إن ضمان تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار وتنمية الصادرات والواردات يتطلب كذلك سن إطار وطني شامل للتشغيل، باعتباره ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، مع مراعاة تركيبة منشآت القطاع الخاص وتصنيفها الى درجات وفئات والتي تعتمد بشكل عام في تنافسيتها ودخلها واستمرارها على وظائف جوهر الأعمال بحسب النشاط بكل قطاع.
كل ذلك أدعى بأن يشمل الإطار العام للتشغيل طرق علمية لتحديد الاحتياج الفعلي من المهن والوظائف من واقع قياس ميداني بمؤشرات وصفية وكمية لحجم النشاط ومجاله وعوائد الاستثمار به.
وعلى نحو يلتقي مع فكر العمل في القرن الحادي والعشرين، الذي يعتمد على معطيات إنتاج وتسويق وعوائد محمولة على السباق العالمي بمجال الابتكار، لتوجيه أكبر قدر ممكن من الشباب نحو هذا الجانب من سوق العمل على نحو يواكب مستوى طموحات وآمال المواطن.
وللتأكيد على أهمية الشراكة في تنفيذ هذه الرؤية، طمأن جلالة السلطان الشعب مرتكزا على إرساء مبدأ العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع العُماني العازمين على المساهمة في التنويع الاقتصادي ضمن برنامج تحقيق الرؤية المستقبلية “عمان2040″، مفتخرا من خلال الخطاب بأن المواطنين والمقيمين على أرض عُمان العزيزة يعيشون -بفضل الله- في ظل دولة القانون والمؤسسات، دولة تقوم على مبادئ الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، قوامها العدل، وكرامة الأفراد وحقوقهم وحرياتهم فيها مصانة، بما في ذلك حرية التعبير التي كفلها النظام الأساسي للدولة.
سيبقى خطاب العهد؛ مرجعا وطنيا يستلهم منه أبناء عمان الأوفياء الإيمان بأن طموحاتهم وآمالهم في شتى المجالات مهما كانت ستتحقق، في ظل تحقيق شراكة فاعلة من المواطنين والمواطنات في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها.
أحمد بن علي الشيزاوي
#عاشق_عمان