صباح يوم الأثنين التاسع من شهر أغسطس بعامنا هذا ٢٠٢٠ميلادي ننطلق لأجل زيارة سريعة لبعض ولايات الباطنة جنوب أنا وثلاثة من أفراد العائلة من ولاية المضيبي حيث مررنا بالطريق المؤدي إلى محافظة مسقط ثم مباشرة نأخذ الطريق السريع المؤدي إلى ولايات الباطنة جنوب الغير ساحلية وبالتحديد نخل والرستاق وهما الأساسيتان في مخطط الرحلة.
ما إن لاحت لنا اللائحة المكتوب عليها نخل على الطريق العام حتى أخذنا الطريق باتجاهها قاصدون إلى زيارة عين الثوّارة بولاية نخل وبعد مدة ليست بالطويلة وجدنا أنفسنا على ضفاف عين الثوارة الواقعة في منتصف البلدة المحاطة بالنخيل والواقعة بدورها بين جبلين كبيرين تتدفق منهما المياه من جوانب كثيرة وبغزارة أكثر ،أخذنا صور تذكارية وصوّرنا الأماكن والمناظر بالكاميرات والأعين والأدمغة وكل ما نملك حيث أن المشهد كان ليس بالرائع فقط بل لا يسعك أن تصفه ببضعة حروف،وما يدهشك أكثر تلك العيون التي تتدفق من الجبل منذ آلاف السنين وإلى يومنا!
وبما أن للبداية نهاية واصلنا السير إلى الرستاق تلك الولاية الشاسعة ذات التنوع الطبيعي والجغرافي فيشدّك منها تلك السهول الممتدة على امتداد الأفق وتلك الجبال الشاهقة مما يجعل الزائر يتمنى أن لا ينقضي الوقت عنه حين يمشي في الطريق ليشاهد هذي المناظر الخلابة عن يمينه وشماله وأمامه ويداوي روحه ويمتّع نظره ويملأ ذاكرته بكل ما تمتلكه هذه الولاية بل المحافظة من مشاهد طبيعية لافتة ومذهلة.
وكان الوصول الى مركز المدينة في المساء وتمت لنا مشاهدة العمران مع الطبيعة وكذلك التعرّف على تفاصيل المدينة من خلال المرور في شوارعها وبين حاراتها وامام أسواقها وحتى الوديان والسيوح المحيطة بها إلى ان ادركنا الوقت وانتهت الحركة لنواصل في الغد رحلتنا الى الولايات الساحلية.
استيقضنا فجرا وبعد ساعة من الاستيقاظ وتناول الفطور بشكل سريع واصلنا الرحلة إلى ولاية المصنعة وبالتحديد ودام الساحل حيث قطعنا من المسافة حوالي ٥٠كيلو مابين الموقعين وعند وصولنا ساحل ودام الساحل نزلنا من السيارة وأخذنا نمشي قليلا على الشاطيء ونشاهد ذلك الازرق الذي لا ينزعج بمن يشاهده وتلك الحيوية الصباحية من أصحاب المنطقة حيث ترى الصيادين على أهبة الاستعداد وكذا من يهوى رياضة المشي يمارس رياضته.
تبادلنا الآراء حول المكان الذي سنزوره بعد ودام الساحل فاتفقنا على زيارة سوادي الحكمان في ولاية بركاء وربما دفعنا الى ذلك الرأي وبالإجماع الشعور القبلي لكون مسمى المكان مرتبط بقبيلة وهي نفس القبيلة التي ننتمي إليها وإن كانت الجغرافيا تحول ما بيننا حاليا،فقد ذكر لنا كبار السن أن قبيلة الحكمان في محوت وخصوصا أصحاب الهجن كانوا عندما يصيبهم القحط يتوجهون إلى الباطنة لرعي إبلهم ومواشيهم لكون الباطنة وفق روايتهم (لا تمحل)أي دائمة الخصوبة ويلتقوا بجماعتهم من الحكمان هنا على عكس وقتنا الحاضر الذي انقطع فيه التواصل بينهم.
ولما وصلنا الى السوادي وجّهنا راحلتنا ورحلتنا الى الساحل منها حيث الجبل الراسي في الماء والموقع المخصص للرحّالة ولكن حال الظرف الكوروني دون وصولنا الى الجبل الواقع في البحر على بعد نصف كيلو أو أقل من الشاطيء والذي تتوفر القوارب للوصول إليه وتتوافر على سفوحه المظلات والاماكن المخصصة للسياح كما شاهدناها بالعين المجردة من الشاطيء المقابل لهذا الجبل ولأن الظرف الكوروني منعنا من الوصول الى إليه فقد اكتفينا بالتصوير سواء للجبل او للشاطيء او صور شخصية للذكرى وكان موقع السوادي الساحل آخر نقطة من جنوب الباطنة نزورها ونختم بها الرحلة وهي نِعْم الخاتمة كما انّي اكتشفت لماذا قال كبار السن بأن (الباطنة ما تمحل) فما تتميز به من تنوع طبيعي يؤهلها بأنها لن يشد أهلها الرحال إلى غيرها فهي ام البحر والزراعة والجبال والسهول الصحراوية و..و..الخ.
ويستطيع ان يعيش بها الناس من مختلفي الحِرَف سواء أصحاب الهجن أو البحر أو الزراعة.كما أنها تتماشى مع الحياة الحديثة بل تكاد تكون في مقدمة محافظات السلطنة حداثةً.
عبدالله بن سعود الحكماني