“العرب هاجروا من التاريخ وتركوا”وجع رأس فلسطين”
القراءات السيكولوجية الصهيونية: الحكام العرب شغوفون بأنفسهم وتفكيرهم يخضع لغرائزهم…!
-لماذا يتهافت الحكام العرب الاعراب على التطبيع واتفاقات الذل والعار مع “اسرائيل”…؟!
-لماذا يتخلون عن فلسطين والقضية والحقوق الفلسطينية التي كانوا يتغنون بها منذ النكبة على انها القضية المركزية….!؟
- لماذا ينتقل العرب عمليا من “اللاءات الثلاثة-الرافضة – في الخرطوم” الى”النعمات الثلاثة مع العدو…؟!
-والاهم من كل ذلك: لمذا يستسهل بعض الحكام العرب خيانة القضية والامة وينبطحون امام العدو التاريخي للأمة….؟!
أرتأينا في الرد على هذه الاسئلة والتساؤلات الكبيرة ان نقدم شيئا من القراءات السيكولوجية الصهيونية تجاه الحكام العرب وهي في غاية الاهمية، لأن رؤية العدو لنا تشرح الكثير الكثير:
يعتبرون في الكيان ان تراجعا عربيا استراتيجيا مجانيا قدمه العرب ل”اسرائيل” هكذا حتى دون ان تعلن عن التزامها بالانسحاب من الاراضي التي احتلتها بالقوة العسكرية، اذن لماذا توافق “اسرائيل” على الانسحاب وعلى الدولة الفلسطينية طالما انها تحقق بخيار “السلام العربي” ما تريده من اهداف …؟!.
ثم اليس من الطبيعي في هذه الحالة العربية ان تواصل تلك الدولة العدوانية عدوانها على العرب واستخفافها بهم وبكافة القرارات والشرعيات طالما انهم قرروا من جانب واحد “ان لا خيار امامهم سوى خيار السلام الاستراتيجي” وطالما انهم اسقطوا كل الخيارات الاخرى في الضغط على الادارتين الامريكية والاسرائيلية …؟!
ولماذا اذن لا تواصل “اسرائيل” هجومها المفتوح على الفلسطينيين والعرب طالما ان ذلك لا يحرك العرب الى الرد والردع…؟!.
فما هي اذن القراءات الاستراتيجية الاسرائيلية التي تقف وراء الرفض الاسرائيلي لكل مبادرات السلام والانسحاب، بل وراء الهجوم الاسرائيلي المستمر…؟!!
في هذا السياق صرح الجنرال الاسرائيلي يوسي كوبر فاسر رئيس دائرة الابحاث في شعبة الاستخبارات الاسرائيلية-سابقا- الذي يطلقون عليه هناك “العقل المدبر” “ان العرب شغوفون باعفاء انفسهم من المسؤولية وتفكيرهم يخضع لغرائزهم …”..وجاءت هذه النظرة السيكولوجية للعرب من قبل هذا الجنرال على خلفية قراءته لاسباب وعوامل الحرب الاسرائيلية على لبنان/ عن صحيفة هآرتس”.
عمليا لا ينفرد هذا الجنرال في هذه القراءة ..فهناك عدد كبير من كبار جنرالاتهم وسياسييهم وباحثيهم يقرأون الاحوال العربية بالمنهجية ذاتها …
فهاهو شمعون بيريز عجوز السياسية الاسرائيلية قد استخلص مبكرا: “ان هناك رياحا جديدة تهب في الشرق الاوسط.. وان الغزو الامريكي للعراق نسف خرافات كثيرة مثل وحدة الموقف العربي، فقد اثبت العرب انهم منقسمون على انفسهم”، وعاد يبريز وأكد ثانية لاحقا قائلا: انني ارى شرق اوسط جديدا، يبنى من جديد.. ان العالم يتغير كما نرى في العراق”..
وهاهو الجنرال احتياط اوري ساغي رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سابقا كان قد لخص قراءته للواقع العربي بعد العراق قائلا:”لم يعد هناك اليوم قومية عربية شاملة في الصراع ضد اسرائيل”.
بينما كان الجنرال موشيه يعلون رئيس الاركان ووزير الامن سابقا قد بسط رقعة بازل استراتيجية مكونة من قطع مختلفة مرتبطة ببعضها البعض: العراقية والايرانية والسورية والليبية والفلسطينية “والارهاب”والتهديدات غير التقليدية، ليعرب في الخلاصة عن تفاؤله مؤكدا ايضا: “نحن لم نعد نتحدث عن عالم عربي، ولا عن وحدة عربية، وانما يدور الحديث عن مصالح فئوية خاصة” .
ولعل الكاتب الاسرائيلي المعروف “غاي باخور” كان الاقرب في قراءته السيكولوجية للواقع الرسمي العربي وللشخصية العربية من الآخرين حينما كتب”في يديعوت احرونوت قائلا:
” لا يمكن ان نشير ولو الى زعيم عربي واحد برز بأفعاله، كلهم يبرزون بعدم بروزهم، يهربون من كل فكرة تغيير .. ويخافون من المستقبل، ويحتجزون الاصلاح وراء القضبان، ويتمسكون بالحاضر بأظافرهم… وهم مشغولون بالحفاظ على انفسهم فقط، وبقية الشعوب العربية بلا قيادة” ، ويستشهد الكاتب الاسرائيلي هنا بما تنبأ به الشاعر السوري نزار قباني في الثمانينات في قصيدته “متى سيعلن موت العرب؟” فـ “الامة العربية -كما كتب- ماتت بذنب الطغاة الذين يمشون على جثث بلا رؤوس”.
وعربيا، قيم المرحوم محمد حسنين هيكل احوال العرب وموقفهم من فلسطين قائلا:”أن العرب هاجروا من التاريخ، وتركوا “وجع رأس” فلسطين، محملين المسؤولية للفلسطينيين مع أن الأزمة في الأساس عربية”، واعتبر أن السياسة العربية وصلت إلى مرحلة تستحق الرثاء، العالم العربي هاجر من التاريخ إلى ملاذ الجغرافيا، بعدما غابت الدولة القائدة أو الرائدة، وأصبحنا شتاتاً، “انعزلت مصر وراء سيناء، وتركت سوريا التاريخ وذهبت إلى الجغرافيا حيث تركيا وإيران، والسعودية تركت العالم العربي وصنعت مجموعة الخليج، والقذافي ترك العرب وذهب إلى إفريقيا، واليمن خرجت من التاريخ وتطاردها حقائق الجغرافيا، أما الفلسطينيون فتحاصرهم لعنة الجغرافيا فمن حولهم “إسرائيل” والأردن ومصر- السبت أكتوبر 17 2009″. ووصف الأزمة التي يمر بها العالم العربي بأنها أشبه بالهجرة من المستقبل، وقال إن “العرب يهاجرون اليوم من قضاياهم ومستقبلهم، لكنهم لا يدركون إلى أين سيذهبون”.
ربما تكون خلاصة الراحل هيكل هي الخلاصة المكثفة لأحوال العرب الراهنة ولطبيعة الحكام العرب الهاربون من التاريخ، ولكن رأي كبار قادة العدو بالحكام العرب على قدر كبير من الاهمية لانهم هناك في الكيان يبنون استراتيجياتهم تجاه العرب استنادا الى مثل هذه الاستخلاصات لديهم….!؟
نواف الزرو