إنها من إحدى الصباحات التي لم أتعودّ منذ وقت طويل أن تمرّ دون أن يأتي إليّ ذكراً لك فيه ودون أن يُخفى عني بهاء حضورك الطاغي الممتع الأليم الذي يسير معي في كلّ ثانية تمرّ بي وتعبر فيها أنفاسي وشهقاتي التي تصبح وتمسي وتبيت ممتزجة دائماً مع شذى عبير عطرك الذي تتركينه كلّما زارتني صورتك في أحلامي، إنّه هذا الصّباح الذي أجدني فيه وكأنّني قطعة لحمٍ مغموسة في بحيرةٍ مِلؤها دمكِ الذي بات متغلغلاً في كلّ بقعة من لحم جسدي حتّى أكاد لا أفقه من أمري شيئاً سواك حتى وإن كان ذاك ليس فيه أدنى علاقة بك، إنّها هذه اللّحظات الصّباحية التي تشعرني بمدى الجاذبية الهائلة والشديدة التي تأخذني من نفسي إليك وكأنّني تحفة نادرة تُنقل من هذا المتحف هنا في الشّمال إلى ذلك هناك في أقصى الجنوب من هذا الكوكب الذي أُنزل فيه الأب آدم والأمّ حواء، إنّه هذا الصّباح الذي لا أرى نفسي فيه سوى كأنّي وقد دخلت إلى عتبات الأنانية المطلقة في وصف الحبّ والعشق، أشعر في هذا الصّباح وكأنَه قد تلبّسني بثياب الغربة الفاصلة بين عقل بات يرتاب من الحبّ الأحبّة وبين قلبي الذي لا زال مؤمناً بأحوال العشّاق وقصصهم، أنا واقع في حلبة فيها عقلي يصارع بحكمته رهافة ورقة قلبي بأحاسيسه وشاعريته، أجد نفسي وكأنّي فجأة ودون أيّة مقدّمات قد أصبحت أكره جداً أنانيتي معك، بتّ جداً أكره أنانية قلبي المعتّقة بكلّ تفاصيل بهاء خيالاتك التي تحيط بي وكأنها دائرة لامنتهية، أكره أنانيّتي كلّما رأيت إنجرافي إلى حالات اللاوعي المجنونة التي تصيبني كلّما إشتقت إليك حتّى أضحى كلّ شأنٍ من شؤوني معلّق معك ومتعلّق بك في تفاصيلي، بتّ أنانيا ً وأنا لا أشعر معك سوى بحبٌ شديدٍ يكاد يفوق كلّ درجات العشق والغرام بين الأخلّة الأحباب، أكره أنانيتي التّي تفوقني قوّة فلا أكاد أسيطر عليها بل هي التي تتحكم بي فتزيدني ضعفاً وخنوعاً حتّى بتّ لا أتحمّل عنفوان أشواقي اللاّتي تهيج كلّما بتّ وحيداً أصارع أنانية السّهاد وسواد دُجى اللّيالي الطويلة والمعتمة، أكره أنانية قلبي الذي بات في كلّ لحظاتي يجابهني بكلّ تلك الأفكار المدثّرة والمشاعر الهائجة التي تجمعني بك ومعك وكأني قد غدوتُ عدوّاً لك وُجِبَ عليك أن تعذّبه وإن تنفّذ به حكم الإعدام مع شرط الإبقاء على أنفاسي بطيئة تخرج من هذا الجسد الهالك، أتعلم بأنّي في صباحي المشرق قد بتّ أتصرف هكذا رُغماً عنّي تابعاً وخاضعاً لقلبي دونما أن أملك أيّة قدرة في التحكّم على أوتاري العقلية فأضحيت أُظهِر لك أنانيتي الشّديدة التي تحكمني كثيراً حتى بات قلمي رُغما عنّي يكتب كلّ ما شاء من الحروف المحزونة والمعتوبة في ضيقها وقهرها وألمها كلّما إشتدّ بين موازين عقلي وقلبي عواصف الشّوق الهائجة وبحاره الماردة، نعم بتّ كسفينةٍ في العباب تبحر بلا ربّـانٍ كلّما داعبتني أمواج جنون الحبّ وثناياه، أكره أنانيتي معك بشدة..أشعر بإني أخذلك في الوقت الذي كان يجب أن أكون ذاك الحائط الذي يلوذ إليه قلبك عند إحتياجه لمتلقٍّ أمينٍ يسمعه، أكره أنانيتي عندما أفكر بك كثيراً ولا أفكر كثيراً حول ما يجول داخل فكرك وما تحتويه جنبات قلبك الذي بات ينبض بعسرٍ وكأنّ هنالك ما يؤلمك كثيراً وأنا لا أعلم عنه شيئاً بسبب هذه الأنانية التي تحيط بقلبي، أكره أنانيتي التي تجعلني أبتعد شيئاً فشيئاً عن حوارتنا الجميلة رغم أنني لا أملك في داخلي العميق سوى أن أجعلك تملك كلّ ما يدخل وما يخرج من مشاعر جميلة وشجون تكاد أن تكون حزينة داخل قلبي، أكره شدّة أنانيتي وأخشى حتّى على نفسي وأنفاسي منها، أكرهها جدّاً وأخشى أن يزيد طغيانها على ذلك النّور الذي كان ينبغي أن يكون منبعاً وموطناً لك، أحبّك جدّاً وأخشى أن يؤذيك قلبي بأنانيته كلما إشتد شوقه إليك كما آذتني أنانيته من شدة حبّه لك، أخشى من تلك الأنانية فكلّ مساراته لا توجّهني سوى إليك يا حبيبتي، أحبّك أخشاها أنانيّتي ولكن لك لن أقول سوى..
.
ويْحِي أنا مِن قَلبك..
ضَرَبَني بِلُهْـفَة،
وخُنجَرُ العُشْق يَنالُني..
وللحُبّ إرتقى..
.
قلْبي بَكى،
ومِن حَالي اشْتَكى..
.
مجنون الفؤاد،
وطريقه إليك مفتدى..
.
مَعتُوهٌ بلْ مُخْتَل،
يبحث عن الهوى..
فالعُشقُ في المُلتقى..
.
ويظنيني الشَّوقُ في لَـيلِي،
فبَدْرَهُ قدِ إختفى..
.
ونَجمُه إِذْ مَال عالِياَ،
جَلبَ السَّعدُ وأَشْفى..
.
فحَيَّاك اليوم شوقاً،
وغداً تَحُلُّ خَليلاً..
فقلبي داراً لك قد أَضْحى..
.
.
فؤاد البوسعيدي